ينتج مرض التهاب الجلد والعضلات من اضطراب في جهاز المناعة، ما يؤدي الى زيادة غير طبيعية في انتاج البروتينات المنشطة للخلايا الليمفاوية، وبالتالي إفراز كمية كبيرة من السيتوكان من الخلايا اللمفاوية التي تتسبب في التهاب الأوعية الدقيقة في الجلد والعضلات.
تبلغ نسبة انتشار هذا المرض 4 لكل 100 ألف طفل ويصيب البنات ضعف الأولاد.
السبب المباشر لحدوث المرض غير معروف حتى الآن. ولكن تجتمع العوامل البيئية والجينية في ظهوره. تلعب العوامل الوراثية دورا في اضطراب المناعة واستثارة الخلايا اللمفاوية بشكل غير طبيعي. وتساعد الميكروبات والفيروسات في إبراز الأعراض عند الأشخاص مدى الاستعداد الجيني. وهو ليس مرض معدي ولا يجب عزل المريض.
الأعراض والتشخيص
من أعراض المرض ظهور بعض التورم والطفح بلون أرجواني حول العينين والخدين ويسمى بطفح (دوار الشمس). طفح أحمر على البراجم ويسمى (بثرات غوترون) والركب والكاحل. هذا الطفح غالبا مايزيد مع التعرض لاشعة الشمس ويؤدي الى تقرحات وتوسع في الأوعية الدموية في الجفن والأظافر.
الظاهرة المميزة لهذا المرض ضعف العضلات، وخصوصا الورك والكتف والرقبة والبطن والظهر.
يجد الطفل صعوبة في المشي والصعود على السلم والنهوض من السرير.
إلى جانب قلة اللياقة البدنية والخمول والتهاب المفاصل. وفي حالات متقدمة تتأثر العضلات المسؤولة عن التنفس والبلع والصوت الى صعوبة في التنفس والبلع وبحة في الصوت. وهذه اشارة الى شدة المرض وضرورة البدء العاجل في العلاج.
قد يتسبب المرض أحيانا بنوبات من ألم البطن، مما ينتج عنه نوبات من الإسهال والإمساك. اذا استمر الالتهاب لفترة طويلة يؤدي الى تكلس تحت الجلد وهذه تؤدي الى تكون عقد صغيرة وصلبة تتدخل احيانا مع حركة المفاصل.
تتفاوت شدة وتطور المرض من مريض الى آخر. احيانا يصيب الجلد اكثر من العضلات واحيانا العكس. قد يأخذ اتجاها واحدا او اتجاهات عدة في التطور، وقد يؤثر على أعضاء رئيسية مثل الرئتين والأمعاء.
يختلف المرض عند الكبار في عدد من الأعراض. فقد يكون التهاب الجلد والعضلات احيانا بسبب الاورام السرطانية وهذا لايحدث عند الاطفال. كذلك التهاب العضلات يكون احيانا بدون الجلد في الكبار و نادرا في الاطفال.
أما التشخيص فيتم عن طريق العلامات السريرية مثل الطفح الجلدي وضعف العضلات. وقد يتشابه المرض في بادئ الامر مع داء الذئبة الحمراء أو التهاب المفاصل التلقائي أو ضعف العضلات الخلقي. ولكن هذه الامراض يتم تمييزها بالشكل الاكلنيكي، حيث التهاب الجلد والعضلات. يتم قياس قوة العضلات في مناطق مختلفة من الجسم ومدى توسع الشعيرات الدقيقه حول الاظافر.
كذلك تتم الفحوصات المختبرية مثل نسبة ارتفاع الانزيم الناتج عن التهاب العضلة. ارتفاع في مؤشرات الالتهاب في الدم وظهور الاجسام المضادة للحامض النووي وتخطيط العضلات الكهربائي. في بعض الاحيان يحتاج الطبيب لتحديد التهاب العضلة عن طريق الرنين المغناطيسي.
كما يمكن أخذ خزعة من العضلة ودراسة النسيج تحت المجهر للتأكد من التشخيص. الأشعة السينية للصدر وتخطيط القلب وقياس وظيفة الرئتين.
العلاج.. دوائي وطبيعي
إضافة الى علاج المرض بالادوية يوجد أيضا العلاج الطبيعي والدعم النفسي والمعنوي.
ويتم العلاج بمركبات الكورتزون، وهذه الأدوية مهمة جدا للسيطرة على الالتهاب، وفي حالة اشتداد المرض يجب اعطاؤها عن طريق الوريد. في أحيان كثيرة، يلجأ الطبيب لإعطاء أدوية مساندة لتخفيف الأعراض الجانبية المصاحبة للكورتزون. مثل الميثوتريكسيت والسيكلوسبورين والسائل المناعي الغلوبيولين.
ويحتاج المريض في فترة هدوء المرض الى العلاج الطبيعي المتمثل في ممارسة التمرينات التي تساعد على تقوية العضلات والمحافظة على المدى الحركي للمفاصل. ويجب اتباع التعليمات من الفني المتخصص في العلاج الطبيعي.
تختلف مدة العلاج من مريض الى آخر. ففي الحالات ذات النمط الكلاسيكي لاتزيد مدة العلاج عن السنتين ونصف السنة. اما الحالات المتكررة النوبات فقد تطول فترة العلاج الى سنوات عدة ولكن ليس بالشكل المتواصل. أما الحالات المعقدة فتتطلب تغيير العقاقير بين فترة وأخرى حسب الحالة المستجدة.
تطورات المرض ومستقبل الطفل
لا احد يستطيع التنبؤ للمستقبل. اذا كان من السهل السيطرة على التهاب الجلد والعضلات بالادوية ولم يعد المرض للنشاط مرة الثانية فلا خوف من المستقبل.
واذا تكررت نوبات المرض وكان من السهل السيطرة عليها فيجب المتابعة الدائمة مع الطبيب المختص لتقييم نمو الطفل وملاحظة الاعراض الجانبية للادوية ومتابعة تطور المرض على جلد المريض ودراسة قوة عضلاته.
وفي هذه الاحوال غالبا مايسلك الاطفال حياة طبيعية ولاخوف على مستقبلهم.
اما الحالات الشديدة والمستعصية فهذه تتطلب دراسة اخرى لنسيج العضلة والجلد واستخدام أدوية مثبطة عدة للمناعة وأحيانا قد يلجأ الطبيب الى استبدال نخاع المريض في سبيل الحصول على خلايا لمفاوية طبيعية تستطيع السيطرة على الالتهابات بشكل كلي.
د. زكية الموسوي
استشارية أمراض الأطفال والأمراض الروماتيدية