فاتقوا الله تعالى وأطيعوا وتخلقوا بأخلاق الإسلام دين الحق، وتأدبوا بآدابه تفلحوا.
واعلموا – رحمكم الله – أن الكبر ممقوت، وهو من شر الصفات، ومن أخطر الأمراض الاجتماعية ، المتصف بالكبرياء منازع لله وعدو للإنسانية؛ وهو مقتد بإبليس – قاتله الله – الذي أخرج أبانا وأمنا من الجنة ، فالتكبر أول معصية عصي بها الله عز وجل .
تكبر إبليس عن امتثال أمر الله ولم يسجد لآدم وقال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فأبعده الله وطرده من رحمته، فمن تكبر على الناس هان عليهم ، وسقط من أعينهم ، وذل بينهم، ومن تكبر بعلمه ركة علمه، ومن تكبر بماله فقد تشبه بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض، وجعل بينه وبين مجتمعه حاجزا نفسيا كبيرا ، ومن تكبر بمنصبه دل على خفة عقله فالله يقول: (
وتلك الأيام نداولها بين الناس) ومن تكبر بنسبه وحسبه يرد القرآن عليه في قوله تعالى
: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) إن صفة الكبرياء هي صفة مذمومة للبشر، ولكنها صفة تعظيم لله نثبتها له سبحانه وتعالى إثباتا يليق بجلاله، فمن أسمائه الجبار والمتكبر.
وهو الذي يقول في الحديث الذي يرويه مسلم ، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري قالا : قال رسول الله
:
(( العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته ))ولأحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
:
(( الكبر ردائي والعزة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار ))أما أبو هريرة رضي الله عنه فيقول فيما يرويه الإمام مسلم عن النبي
:
(( احتجت النار والجنة فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء. وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها )) إن التكبر من صفات أهل النار فالنبي
يقول:
((ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر )) فالعتل : هو الغليظ الجافي ، والجواظ : هو الضخم المختال في مشيته.
إن الإنسان يا عباد الله لو أدرك حقيقة أمره ما تكبر وما ترفع ، إن أصله من ماء مهين، وقلبه استخلص من تراب وطين يخرج من موضع البول مرتين: مرة من أبيه، وأخرى من أمه، ويحمل بين جنبيه الأوساخ والعذرة، ثم إذا مات أصبح جيفة نتنة، فعلام يتكبر من كان هذا أمره؟ وعلام يتكبر من لا يملك شيئا من حوله ملكا حقيقيا بل لا يملك نفسه التي بين جنبيه؟
إن ملكنا للأشياء إنما هو ملك مجازي، والمالك الحقيقي لكل شيء هو الله جل وعلا.
إن من درجات الكبرياء يا عباد الله أن يترفع الرجل عن امتثال أمر من هو أفضل منه والنزول على نصحه وعاقبة ذلك وخيمة، فلقد أكل رجل عند رسول الله
بشماله فقال النبي
: (( كل بيمينك، قال: لا أستطيع، فقال النبي: لا استطعت. (ما منعه إلا الكبر) قال: فما رفعها إلى فيه ))( أي إلى فمه ). نعم لقد شلت يمينه نتيجة استكباره واستعلائه على خير البرية
.
.
ويقول
:
((لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم ))فانظروا – رحمني الله وإياكم – إلى عاقبة الغرور والتكبر وإلى خطورة مخالفة أمر الله الذي يقول فيه: (
ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ) وقد يظن البعض لأول وهلة أن ما أسلفنا من أحاديث فيه تحريم التزين والتمتع بطيب اللباس، وليس الأمر كذلك، فعن عبد الله بن مسعود عن النبي
قال:
(( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال: إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس ))ومعنى بطر الحق : رده على قائله وعدم الاعتراف به . وغمط الناس : احتقارهم، فكل يا عبد الله واشرب، ولكن دون سرف ولا مخيلة.
اما ردي على كيف اتعامل مع المتكبر او المغرور فبكل بساطه ((( لا اراه ابدا ولا اعتبره موجود)))) اللهم جنبنا سبل الجبارين وأبعدنا عن التكبر، ونسألك ألا نزهو إلا بالحق على أهل الباطل، ونسألك ألا تجعل لمتكبر مختال علينا سبيلا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.