هل تعلم لماذا يتم تغيير الحصص الدراسية في المدارس والجامعات كل أربعين دقيقة؟
لأن الدماغ مؤلف من عدة مراكز.. وكل مركز منه يستطيع العمل لمدة أربعين دقيقة، ومن ثم يتسلل التعب والملل إليه، ويحتاج للراحة...
وأفضل راحة هي تغير نوع العمل لتبدأ أقسام أخرى من الدماغ بالعمل، لهذا علينا تغيير نشاطاتنا وممارساتنا باستمرار.. فإذا كنت تدرس الرياضيات مثلاً، فإن جزءً معيناً من دماغك يعمل، أما الأجزاء الأخرى فترتاح... وإذا قرأت الشعر بعد ذلك فإن الجزء الدماغي الذي كان يعمل بالرياضيات يرتاح ويبدأ قسم آخر بالعمل...
فالتغيير نظام ثابت.. إنه يطوّرنا ويجددنا باستمرار... عندما تقوم بشيء ما استمتع به، استغرق فيه.. وانهمك به كلياً من كل قلبك، وبكل جوارحك وأحاسيسك.... لأن كل عمل عبادة وصلاة وتأمل... لكن حاول أن تبقى الرّبان السلطان على العقل والجسد والقلب... فأنت نور الله على الأرض... أنت الشاهد على كل شيء.. وإلا ستصبح عبداً مستعبداً... والعبودية ضارة سيئة حتى في مجال التأمل.. هناك فرق كبير بين العبادة والعبودية... بين التفاني والتمادي... بين الانهماك والانقياد...
الانهماك بالعمل من صميم قلبك يجعلك مبدعاً خلاقاً، أما الانقياد له يحولك لعبد تابع خاضع... فإذا لم تستطع إيقاف العمل في أمر ما، أو إذا كنت توقفه مرغماً مجبراً... هذا يعني أنك لم تعد حراً، لم تعد سيد نفسك... بل أصبحت عبداً مستكيناً منقاداً لهذا العمل، ولم تعد قادراً على الانتقال إلى مجال آخر...
لذلك عد إلى ذاتك... واتخذ أنت القرار... وأوقف مباشرة ذلك العمل... وازفر بعمق قدر المستطاع لمدة خمس دقائق..
إذا كنت تتأمل مثلاً ورغبت في قراءة الشعر، أوقف التأمل وازفر بعمق لخمس دقائق... وكأنك ترمي بعيداً كل الأشياء التي كانت تستولي على فكرك وجسمك... لتتطهر منها وتتحرر من كل آثارها... ثم استنشق الهواء بكل ذرة من ذرات جسمك... بكل خلية من خلاياك ... وباشر بقراءة الشعر وستشعر مباشرة بالتغيير... المهم أن نمنح أنفسنا راحة واستراحة لمدة خمس دقائق... لا نقوم فيها بأي عمل... بل نتنفس بعمق وسكون، ونصغي لذاتنا وسكينتنا، ونستلم دفة القيادة...
وسوف نستطيع شيئاً فشيئاً اختصار تلك المدة الزمنية إلى أربع دقائق بعد شهر، وثلاث دقائق بعد شهرين... إلى أن نصل لمرحلة يكون فيها زفير واحد كافياً وافياً لننهي ما نقوم به، ونغلق ملفه.. لنباشر بعمل آخر جديد...