إلى أين تمضي؟
إلى أين تمضي؟
تشق عباب الزمان، وتمضي
وتحمل حقلا من الحب والياسمين
أيا جبلا من شموخ ومن كبرياء
تسير وتعلم أن الطريق إلى
الذكريات طويل
وأن الصعود إلى حافة الشمس
كالمستحيل
إلى أين تمضي؟
وما زال في جنباتك طفل يعيش
ويقفز، يذرع هذي الفيافي
ويقتات حبا، وينمو مروجا
ويسبح في راحتيه القمر؟
إلى أين تمضي؟
وعيناك في صفحة الماء تقرأ
سيرتها من جديد:
ألن أسترد زمان الصبا؟
يداعب سحنتك القرمزية ضوء الصباح
فتنسى شجونك في أمسيات الشتاء
تصيخ إلى الزهر سمعك
كل قرنفلة حملتك السلام إلى أهلها
والخزامى يقص عليك حكاية هذا المساء
وفي همهمات الشجر
صدى أغنيات
يرجعها صوتك العذب عند السحر
هي الريح تعصف حولك
ما زلت تهوي بمجدافك الغض
تفتح دربا جديدا لعمر جديد!
تبدد غيم الضباب أمامك
تبحث عن أغنيات الشباب
عن الحب في خفقات الزنابق
إلى أين تمضي؟
ستمطر عما قليل، فلملم بقاياك وارجع
رحلة إلى الفردوسجدف فقد جمعت أفئدة الضياء
وسلكت درب الأنبياء
وفقهت عن نوح
قيادة قارب الإيمان
واجتحت العباب
هذي الطحالب
لن تعيق الركب
قوتها سراب
تتزين الشمطاء تلبس حلة من
سندس خضر
لتعشقها القلوب
وتغازل البحار: لا ترحل ..
ستطحنك الدروب
الناس مثلك أبحروا
في النهر ثم توقفوا حينا
فأجبرهم على الإبحار قانون الحياة
لكنهم حملوا نفايات الطغاة
وتعلموا قانون قابيل المدمر
واستلذوا العيش في الوحل
الرخيص
ومضيت أنت كفارس..
الأحلام
ترقبه الفتاة..
تهدي إلى الدنيا أريج الوحي
ثم تسير نحو الخلد
يا ركب الهداة
السباق مع الظلام
سافر فموعدك الصباح.
يطوف حلمك في الشعاب.
قدر بأن تمضي غريبا بيننا
وعلى طريق الدرب تزداد اغتراب
ادفع هنا مجداف عمرك للأمام
واقهر به مستنقع اليأس الزوام
ما عاد يجدي في رصيف العجز
أطواد الكلام
فورود حلمك ظامئات فاسقها
عند الوصول
ندى الألق
واحذر بأن تمتد فوق الحلم..
أنياب الغسق
واضرب ببعض عبيره الوادي
الخراب
لكي يفيق متوجا بالاخضرار
سافر.. وسابق في الطريق هناك
عاصفة الظلام
وازرع على الشط الحقيقة
والسلام
كل الألى ناديتهم.. في السير قد آووا
إلى جبل ليعصمهم وما عصموا
غضب المسافة سوف يتركهم يباب..
سافر.. شعاع الصبح مد لك
الطريق إلى شواطئه الرحاب
فالعجز يفتح للغواية والنهاية ألف باب
واليأس يفتح للهزيمة ألف باب
سافر، وأدري أن في كفيك جرحك
فامتشق في السير أنوار الكتاب
فالموت.. أن تبقى بلا هدف بلا
وطن بلا عز مهاب..
لامس النهر برفق
أيها الحادي ترنم
........... فلقد آن الرحيل
آن للإنسان يمضي
........... آن قهر المستحيل
جدف الآن وغني
........... فلقد سار الدليل
وعلى الموال يمضي
........... مركب الحزن الثقيل
* * *
إن أراك الناس ضيقا
........... فاطلب الكون الرحيب
واحمل الأزهار حبا
........... لعدو وحبيب
وإذا القبح تناهى
........... فجمال الكون طيب
وعواء الشر يخبو
........... عند صوت العندليب
* * *
أيها المجداف رفقا
........... بلجين السلسبيل
إننا نحمل وردا
........... ليس للحقد سبيل
لامس النهر برفق
........... كطبيب للعليل
جفت الأرواح إلا
........... هذه الروح الأصيل
* * *
إن في الأشجار حبا
........... ليس في دنيا البشر
فعلى الضفات تبقى
........... تتناجى في السحر
وإذا الشوق تقوى
........... وإذا الحب استعر
تتلاقى في عناق
........... رغم تحذير النهر
* * *
أيها الحادي توقف
........... إننا نسمع صوتا
حاديا يعلي صياحا:
........... إن بعد العيش موتا
رحلة لا بد منها
........... إن أبينا أو أبيت
فليكن زادي يقينا
........... ولندع علّ وليت
نحو مرفأ الصلاة
تريثي براعم الزهور
سنقتفي النهار
هناك لن تطالنا خناجر الظلام
فقاومي جحافل الذبول بابتسام
وأيقني سلامة الوصول
وأنصتي لهمسة الخرير
يثيره التجديف لوحة بريشة السفين
لتغسل الأوراق ظلها في صفحة
الغدير
تريثي سنبلغ الحقول
ومرفأ الربيع
هناك سوف يولد الصفاء بعد حين
يطل من طراوة الغيوم
وأنت والسفين والجندول والخرير
ستخلدون عاجلا
وتسجدون
في مرفأ الصلاة.. للمصور القدير
عبور الزهور
الروح مثلك أيها المجداف تلتهم
الغدير
والزهر كالهمسات تسألني إلى أين
المسير
عجل بربك للفضاء الرحب إنك
كالأسير
عيناك بين الماء تلمحني وعيني في
الأثير
ما أرهب اللحظات حين تمر في زخم
العبور!
خلفي كنوز الدهر أسحبها فما أقسى
الدهور
فيها عيون الزهر ترجو الماء من فوق
السرير
والأرض واجمة وعين الزهر باسمة
تدور
كالحلم كالأقمار كالتأريخ كالطفل
الصغير
لكآبة الغابات والآلام والزمن
الخطير
ها ألف جوهرة تعشعش في بساط
من حرير
كشقائق النعمان تدفعني فأوشك أن
أطير
من لي وقد يممت في المجرى سوى
الله القدير
حتام تصرخ بي القصيدة في تعاريج
العصور؟
وإلى متى تغتالني الأوجاع يا نهر
الزهور؟
الحياة
أنا لا أرى غير الحياة
تناسقت لوحاتها المثلى على أرقى الصور
الزهر والنهر المغلف بالشجر
وعلى فضاء الشط أبخرة المياه
تنساب عاشقة الزهر
والشمس ترنو من زوايا الأفق
تسترق النظر
مالت لتبحث عن ذوائب شعرها
المنساب في صدر النهر
وعلى امتداد النهر شوق عارم
لم تعتر ملاحه المشتاق وعثاء السفر
عن عالم عبثت به روح الصراع
عشق الطبيعة غادة مدت سواعدها
على طول الممر
وأتى ليحمل خلف أروقة الشراع
رمز الصفاء، رمز المحبة للبشر
دون التفات للأثر
قارب الأمل
ورحلت ثم مهاجرا
........... في قارب الأمل السعيد
الورد خلفك باسم
........... والطير تسجع بالنشيد
في رحلة سحرية
........... فيها ابتسامات الوليد
وهناك في ظل الغصون
........... الخضر، والعشب النضيد
والماء تحتك ضاحك
........... فكأنه يتلو القصيد
تفضي بسرك آمنا
........... وتعيش بالقوت الزهيد
ما دام قلبك عامرا
........... بالنور في كنف الحميد
وهناك تعلم موقنا
......... أن التقي هو السعيد
أن السعادة أن نعيش
........... لفكرة الحق التليد
سيصل..
إلى أين تمضي؟ أتدري الذي
........... وراءكأم ليس تدري به؟
أتعرف في الدرب أين الطريق؟
........... أتعرف بعدك من قربه؟
أراك تحملت زهرا وعطرا
........... ونهرا تمكنت من قلبه
ستغرب شمسك يا صاحبي
.......... ويقبل ليلك في رعبه!
أجاب ولم يلتفت للوراء
........... رويدك إني من حزبه!
سأوصل هذا الهدى جاهدا
.......... وإن مت غيري سيمضي به
هم خاطفون
هجرت أيا زهر طلع الفنن
وباقات ورد زهيد الثمن
فأنت لمن؟ ثم نحن لمن؟
إلى أين ينأى بك القاطفون؟
فبئس الرحيل.. وهم خاطفون
ألا إن للزهر أيضا عيون
ودمع الندى كائن أو يكون
سيبكيه ذات مساء حنون
وللورد بعض دواعي الظنون
أناشيد الخلود
قل لي إلى أين الورود
........... ويقلُّ قاربك الورود؟
فإذا رحلت فإنني
........... أرجو شروقك أن يعود
لك أيها الربّان رمـ
........... ـز محبة فيما ترود
لك لوحة رُسمت بأحـ
........... ـلى ريشة.. وبلا حدود
لك غنوة الأحباب غنّـ
........... ـتها البلابل في الحشود
هي لحن أشعار الصبا
........... بة دون قيثار وعود
تُضفي القلوب بسحرها
........... أحلى أناشيد الخلود
هي ألف معنى من معا
.......... ني الحب في هذا الوجود
ملعقة عسل
وحيدا سرت يا أملي
........... بلا يأس ولا ملل
حملت مناي في عجل
........... وقد أمضي بلا عجل
أعيش بزورقي حلما
........... يناجيني بلا كلل
ومجدافي (كملعقة)
........... تجود بأطيب العسل
وتسبيحي أردده
........... مع الأشجار والجبل
سأدعو رب هذا الكون
........... في حل ومرتحل
ليبقى زورقي ماض
........... بلا زيف ولا زلل
فوق الماء احترقتُ
أيها القارب هيا
........... إنني ذبت اشتياقا
أنت فوق الماء تمشي
........... وأنا متُّ احتراقا
وفؤادي في ضلوعي
........... يسبق الشوق انطلاقا
إنني في حفظ ربي
........... أعتلي هذا النّهر
هذه الأطيار تشدو
........... فوق أغصان الشجر
فتهيج القلب شوقا
........... للقاء المنتظر
ليتني قد كنت طيرا
........... في سما هذا الوجود
أقطع الأميال جوا
........... وإلى عشي أعود
طائر حر طليق
........... لا تكبلني قيود