دعوة للإنصاف !!!!
إننا نعيش عصر انقلاب المفاهيم و طمس الحقائق و تشويش الرؤى و هذا يعود إلى سيطرة إعلام هدفه لصق المفاهيم دون موازين و دون معايير و هذا يكون بتأجيج العواطف و تحييد العقل الذي توزن به الأمور و تتضح به الحقائق و من جملة هذه الأشياء هي لصق تهمة سوداوية في دول الخليج العربي و أظن أن هذا التشويش هو جزء من حملة الإساءة للإسلام لأنه و بوقفة تأمل منصفة و بتجرد و موضوعية و فق معايير الموازنة نجد أن :
الدول الخليجية و خاصة السعودية هي الأقرب للعروبة و الإسلام من حيث تطبيق شرع الله على معظم مجالات الحياة و دعم الدعاة و فتح الساحة لهم ودعم الأبحاث و المنظمات الإسلامية ، ومن حيث الحفاظ على العادات و التقاليد العربية و الإسلامية الأصيلة في الملبس و المسكن و المظهر العام ، و من حيث الالتزام بالأخلاق و الآداب الإسلامية ،و من حيث التفاعل مع القضايا العربية و الإسلامية و ذلك بمساعدة لدول المنكوبة ، ولكنهم يعبرون عن تعاطفهم بطريقتهم الخاصة و هم يفضلون العمل أكثر من الكلام .
إذا فالدول الخليجية هي الأكثر استقلالية لأن الغرب يريد فرض ثقافته على العالم كله .
و كذلك الأمر هي الأكثر استقلالية اقتصاديا لأنها لا تأخذ قروض من البنك الدولي و غيره و التي تبتز المواقف و تفرض شروط و سياسات مقابل هذه القروض و المساعدات .
لأن الشخصية المستقلة هي التي تعتز بهويتها و تحافظ عليها و لا تذوب في الآخر فكرياً و ظاهرياً و هذا أخطر أنواع الغزو الأجنبي .
بخلاف بعض الدول العربية العلمانية العسكرية فلا تكاد تميز بينها و بين الدول الغربية في شتى مجالات الحياة سوى التقدم و الحضارة الحقيقية ، فهناك الكثيرون يخجلون من لباسهم العربي الأصيل بل و ينظرون لمن يلبس اللباس العربي الأصيل بالتخلف و الدونية و لو كان يحمل أعلى الشهادات ، فهذا هو الانهزام الفكري و الحضاري و ضعف الشخصية و ضياع الهوية
أما بالنسبة للتقدم و التطور فأظن أنه كل من زار دول الخليج و اطلع على النهضة التي فيها و الفرق الشاسع بينها و بين الكثير من البلدان العربية التي انتهجت النهج العلماني الثوري في شتى المجالات و القطاعات فهناك مدن خليجية أصبحت تضاهي المدن الأوربية من حيث العمران و التنظيم و تطبيق التقنيات الحديثة و الإدارة و الالتزام بالنظام و المظاهر الحضارية الأخرى فأصبحت هذه الدول تتقدم على كثير من البلدان العربية بعقود بعد أن كانت متخلفة عنها بعقود فرب تلميذ فاق أستاذه .
و هذه القفزة التنموية في دول الخليج العربي عادت بالخير على جميع الدول العربية و الإسلامية فقضت على جزء كبير من البطالة المنتشرة فيهما بالإضافة إلى فوائد كثيرة أخرى فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟؟؟
و أصبحت هذه الدول مركز إشعاع حضاري في العالم العربي و آخرها هذه الثورة الإعلامية التي صححت الكثير من المفاهيم و نشرت الوعي بين الناس و استفاق الكثير من النيام .
و كذلك هناك معيار للوعي و التقدم و هو تقدير العلماء و أصحاب الشهادات العلمية فنلاحظ أن دول الخليج هي مركز جذب للعلماء و التخصصات العلمية و يتم إنزالهم المنزلة اللائقة بهم و لم يعرفهم الكثير من الناس إلا بعد مجيئهم إلى دول الخليج بينما الكثير من الدول العربية الأخرى هي عامل طرد لهؤلاء .
و أما بالنسبة للإشكالية الكبرى و هي وجود قواعد أجنبية على أراضيها فاليابان و ألمانيا و كوريا و هي دول صناعية كبرى وعلى أراضيها قواعد أجنبية .
ثم إن هناك واقع يجب أن نعترف به و هو الضعف و الفرقة و انعدام الثقة بين الأخوة و اختلال موازين القوى .
و كذلك دول الخليج العربي محل أطماع كثير من القوى العالمية و الإقليمية .
و إننا نعيش عصر التحالفات و المصالح فمن لا حليف له سوف تتخطفه الذئاب في ظل سيادة شريعة الغاب فالأمر يتعلق بحسن اختيار هذا الحليف .
و من وجهة نظري تم قبول دول الخليج لقواعد أجنبية على أراضيها من باب المصالح المشتركة و من باب الضرورات تبيح المحظورات و من باب اختيار أخف الضررين
فالدول العربية التي تحالفت مع المعسكر الآخر طبق عليها مناهج مخالفة لجذورها و عقيدتها فذابت في الآخر و طمست هويتها و انتشر في مجتمعاتها شتى أنواع الفساد و التحلل من القيم و هي تمر بأزمات و مشاكل لا تدري كيف الخلاص منها و تأخرت عن الركب بعد أن كانت في المقدمة و هناك من خسر بعض أراضيه.
بينما دول الخليج العربي حافظت على هويتها العربية و الإسلامية و حافظت على أراضيها و تقدمت.
فأيهما أخف ضرراً ؟؟؟ و أيهما أحسن الاختيار ؟؟؟
وحسب رأيي ومن خلال استقراء الواقع و ليس من خلال قراءة الأنظمة المكتوبة أن النظام الملكي أفضل من الجمهوري في بلداننا العربية وذلك لأن الأنظمة الجمهورية تكرس معظم مقدرات البلد لحماية هذا الكرسي و يبقى الفتات للشعب و التنمية فتجد الأنظمة الأمنية لا حصر لها و المخبرين لا حصر لهم لحد أنه تم نزع الثقة بين أفراد الشعب فأصبح الكلٌ يخاف من الكل و هذا سبب تفكك المجتمع ، بينما في الأنظمة الملكية لا يكون هذا الحرص على الكرسي إلا بقدر الضرورة لأن من ينازع على هذا الكرسي قليل و كذلك الأمر يتم اكتساب خبرات كبيرة خلال هذه الفترة يتم صرفها مع الجهود و الطاقات و الإمكانات لعملية التنمية و التطوير .
الكاتب :عبدالحق صادق