أطفالك في سن المراهقة؟ كل ما تحتاجينه للتعامل مع هذا السن!
تربية المراهق
من النادر أن نقرأ مواضيع إيجابية حول إنجازات المراهق، رغم أن الإحصائيات تفيد أن 9 من 10 من المراهقين لا يتعرضون لأي مشاكل خلال هذه الفترة، ولكن لمَ لا نسمع عن هذه الإيجابيات؟
سواء كان الأبناء بعمر الطفولة أو المراهقة، التحديات دائماً صعبة على الوالدين! ولكن الصعوبة في التعامل مع سن المراهقة تبدو أكبر وهذا لأن الطفل أصبح أكبر حجماً، لغته أقوى، وبإمكانه أن يناقش الشخص الأكبر منه بنفس المستوى. كما أنه يكون لديهم الجرأة الأكبر لتجاوز الخط الأحمر ما بينه وبين الشخص الأكبر.
الطفل لا ينتقل إلى مرحلة المراهقة بين يوم وآخر. بل يحتاج إلى ثلاث مراحل من العمر حتى يصلها: مرحلة ما قبل المراهقة (ما بين 9 – 13)، مرحلة متوسط المراهقة (ما بين 14 – 16)، ومرحلة المراهقة الأخيرة المتأخرة (ما بين 17 – 20) سنة.
*•?•*
خلال مرحلة ما قبل المراهقة، يشعر الطفل أنه غير منظم وأن نموه سريع وغير متوازن (فعلاً هذا ما تشعر به ابنتي بالضبط). فهم لم يصلوا لمرحلة المراهقة بعد حيث أجهزتهم لم تنمو بشكل كامل بعد. يحاول هنا الطفل أن يصل إلى ما يرجوه منه الوالدان والأصدقاء. والدا من هو في هذه المرحلة قد يشعران بأنهما غير قادرين على مواجهة أي تحديات إضافية على ما واجهاه عندما كان الطفل أصغر. قد يشعران بالقلق الكبير فيما يتعلق بالمواقف الجدية التي قد يتعرض لها الطفل كلما كبر. ولكن الوالدان يجب أن يستقبلا هذه المرحلة بحرارة وتفهم وعدالة في التصرف وربما بعض الروح المرحة.
*•?•*
خلال فترة متوسط مرحلة المراهقة، قد يشعر هذا الطفل بالجنون لزيادة بسيطة في وزنه، أو شعره الذي يسرحه فلا يبقى في مكانه. خلال هذا الوقت، يجب أن يحاول الوالدان اتخاذ شخصية الناصح والدليل لهذا الطفل. مع الأخذ بالإعتبار أن الدفء، الحنان، والتواصل يجب أن يكونوا بتوازن حتى يكبر الطفل معتمداً على نفسه وقادراً على تحمل المسؤولية. فلا نبالغ بأي من هذه العواطف. أحد الباحثين وجد أن هذا الطفل في هذا العمر عندما يحتاج حل في مشكلة اجتماعية أنه قد يلجأ إلى أصدقائه، ولكنه يلجأ لوالديه لمعلومات حول العلم، الوظيفة أو ما يتعلق بالأمور المالية.
*•?•*
خلال مرحلة المراهقة الأخيرة، يجد المراهق نفسه أن أمامه الكثير من القرارات التي يجب أن يتولاها. وهنا التعامل يختلف معه، ففي هذا العمر تصبح الفتاة في عمر قد يسمح بالزواج فتصبح صاحبة قرارات، وهنا التعامل معها يجب أن يكون على مستوى بالغ عاقل مقابل شخص بالغ عاقل، وليس فقط أم وابنتها، أو أب وابنه.
التربية مسألة قد تكون معقدة؛ الكثير من العوامل قد تؤثر على النتيجة مستقبلاً في التربية، مثل شخصية الطفل.
ما يلي ستكون لائحة حقائق وإرشادات عامة.
الطفل الخلوق لا يصبح سيئاً فجأة، كل الأمور السيئة التي قد تصدر عن المراهق مثل التدخين أو الكذب أو الهروب من المنزل بعد مشادة كلامية، كلها تصرفات ممكن منع حدوثها قبل أن تحدث. حتى نتعرف على المزيد على ما يتعلق بهذا المراهق، يجب أن نعرف أن هناك الكثير من الأساطير التي تدور حوله:
الأسطورة الأولى
الضغط من الأصدقاء هو أكثر ما يكون خلال مرحلة المراهقة!
الضغط والتأثير من الأصدقاء قد أعطي أكثر مما يستحق من الناحية السلبية، رغم أنه قد يكون إيجابياً في بعض الأحيان! بشكل عام، المراهق يتخذ أصحاباً يبادلونه نفس القيم والأفكار والأذواق؛ ومع هذا، فإن الوالدين هما المؤثر الأكبر في حياة أطفالهم. الأبحاث تشير إلى أن الآباء الذين يتابعون كل أمور أولادهم عن قرب حتماً سيمنعون أي تصرف خاطئ قبل حدوثه. كما أن المتابعة الدائمة ومعرفة كل ما يدور حول المراهق يعطي هذا الطفل رسالة هامة وهي (مع كل امتياز جديد يمنح له، تزيد المسؤولية). فإن أعطي مثلاً زيادة في الوقت لزيارته صديقه، يجب أن يتحمل المسؤولية ويأتي حسب الموعد المحدد له بلا تأخر حتى يحافظ على هذا الامتياز.
الاستراتيجية:
المتابعة والمراقبة تعني وضع قوانين وإرشادات وحدود لهذا الطفل وعلى الطفل أن يسير على هذا المنهاج باستمرار، وهذا يعني أن يكون الوالدان على علم بــــ :
- أين يذهب الطفل
- من يصاحب الطفل
- ما هي الأنشطة التي يقوم بها الطفل مع أصدقائه
- عند ذهابه إلى أي مكان، كيف سيذهب وكيف سعود
متابعة الوالدين الدائمة لأولادهم تعني التواجد الدائم لإرشادهم إلى بعض الحلول للمشاكل التي قد يتعرضون لها في حالة حاجتهم؛ مثل: ماذا يفعل في حالة الطوارئ؟ ولكن المتابعة الدائمة لا تعني شلّ حركة الطفل، وعمل القرارات نيابة عنه والتحكم في كل تصرف أو التدخل في كل الحالات سواء احتاجت لرأي الوالدين أم لا. يجب أن يعرف الوالدان حدود التدخل بلا مبالغة.
قد يشتكي الطفل من أن والديه "لا يثقان به" ويبالغان في الاهتمام، ولكن هناك شعور خفي بالأمان داخل الطفل لمعرفته أن والديه مهتمان به ولهذا يسألانه دائماً. يجب أن يدرك الأهل أن متابعة أمور أطفالهم هو حقهم ومسؤوليتهم التربوية.
إن انتظر الوالدان متابعتهم لأولادهم حتى تبدأ مرحلة المراهقة، فإن هذا سيشعرهم أنهما يحاولان السيطرة عليهم. سيحاول الطفل المقاومة دائماً. ولهذا يجب أن تبدأ المتابعة في سن مبكرة. هذا سيعرّف الطفل أن هذا جزء من الحياة وسيعتاده ويتأقلم معه ولا يعاند. ولكن نتذكر أن المراهق قد يحتاج إلى إعطائه بعضاً من الحريات أكثر من الطفل الصغير ليبدأ مرحلة الاعتماد على النفس، وسيكون المراهق بحاجة إلى متابعة تصرفاته من قبل الوالدين بطريقة عقلانية لا تثير توتر الطفل. ورغم أن البداية لمتابعة الطفل يجب أن تكون مبكرة، ولكن هذا لا يعني أنه هناك وقت تعتبر فيه متابعة الطفل متأخرة.
بما أننا كأمهات وآباء لا يمكننا متابعة أطفالنا على مدار الساعة - مثلاً عندما يكون الأبناء في زيارة – إلا أن وضع القوانين العائلية الواضحة ستساعد الأهل متابعة أطفالهم حتى وهم بعيدون عنهم. مثلاً بإمكان أحد الوالدين الاتصال بأهل الصديق لمعرفة ماذا يفعل الطفل حالياً. مجرد علم الطفل أن أمه ستتصل، سيبقى دائماً على الدرب السليم دائماً.
*•?•*
الأسطورة الثانية:
المراهقين يفضلون أصدقاءهم أكثر من والديهم!
عندما يبدأ الأطفال مرحلة الدراسة تبدأ فترة بقائهم مع أهليهم تقل، ويصبح الصديق أهم. الشاب الصغير يبدأ بتحديد شخصية خاصة به من خلال ما يقوم به، المكان الذي يذهب إليه، والمعلومات التي يعرفها. على الأغلب، فإن المراهقين الضعفاء الشخصية أو من لديهم قلق دائم من المستقبل، يبحثون دوماً عن طرق لإرضاء "الأصدقاء". ولكن إن أعطي الطفل المنهاج الصحيح منذ الصغر للتعامل في المواقف وأخذ القرارات، سيتمكن من مواجهة المواقف عندما يكبر وستكون النتائج جيدة.
ما معنى اتخاذ القرارات في الصغر بالنسبة للطفل؟ تعني أن يختار بنفسه مثلاً أي قميص يرتدي، أي لعبة سيلعب، كيف يحب أن يرتب غرفته. الطفل الذي أيتح له أن يتخذ قرارات ويقوم بتجارب بلا تدخل، سيتعلم أن هذه القرارات لها نتائج وعواقب، وهذا سيجعله قادراً على اتخاذ القرارات الجيدة والصحيحة عندما يصبح في سن المراهقة! الأهل الذين يخبرون أطفالهم ماذا يفعلون وماذا يقررون ويسيطرون على تصرفاتهم من غير إعطائهم الخيار، هنا لا يتيحون للطفل أن ينمو وبالتالي كل ما يعرفونه هو الاستماع إلى غيرهم من الأطفال لأنه لا يوجد لديهم ذاك الصوت الصغير في عقلهم الذي يمنحهم الثقة ويوجههم مستقبلاً إلى الصواب.
الاستراتيجية –
ابقي على علاقة بطفلك. تكلمي معه، استمعي إليه، اعرفي أصدقاءه، ما يدور في المدرسة، وما يدور حولهم بشكل عام. بالطبع الأهل مشغولون بأعمالهم، والأطفال مشغولون بالنشاطات المدرسية، وليس لديهم الوقت للتعامل، ولهذا السبب هذا الأمر يحتاج إلى جهد حقيقي. وهذه بعض الاقتراحات لتبقي على علاقة دائمة بطفلك:
- عرفي طفلك أنك دائماً على استعداد للاستماع إليه.
- استغلي الأنشطة اليومية المنزلية لتجعلك أقرب، مثل تحضير العشاء، شراء بعض الحاجيات معاً، المشي لفترة صغيرة كل يوم، الجلوس إلى المائدة.
- مهما كبر طفلك، فاجعليها عادة أن تذهبي إلى غرفته قبل النوم للـتأكد من أنه جاهز للنوم، وربما يود أن يخبرك بشيء، مهما كبر الطفل فإنه يحب هذه الفترة عندما تأتيه أمه للاطمئنان عليه وتكلمه وهو في سريره.
- لا بأس إن لم تري طفلك أن تتركي له ورقة تكتبين عليها ما تريدين، مثل كلمة طيبة أو دعاء له، حتى لو كان عبر الإيميل، حتى يعرف أنك دائماً تذكريه وتذكري نشاطاته.
- اعرفي من يصاحب، قومي بدعوتهم إلى المنزل أو النشاطات العائلية خارج المنزل مثل الأكل في الحديقة.
*•?•*
الأسطورة الثالثة:
ابني المراهق لا يكلمني. لا أتمكن من كسب ثقته ليفتح قلبه لي.
المراهق يحب الكلام! ولكن يحب أكثر أن يجد أذناً مستمعة. بمجرد سؤالك له:"كيف كان يومك؟" سيبدأ بالكلام، انظري إليه باهتمام ليعرف أنك بالفعل تصغين، سيقوم بإخبارك بكل شيء تريدين معرفته. ولكن إن كان كل كلامك مثل: "نظف غرفتك" أو "انظر إلي عندما أكلمك" وكأنه موجود للتأنيب فقط، فإنه سيبدأ بالابتعاد وتقليل الكلام. يجب أن يكون هناك توازن ما بين الكلام الروتيني والحوار العميق.
طبيبة نفسية قامت بسؤال المئات من المراهقين عما يتمنونه مناقشته مع والديهم، منهم من قال:
- الأمور العائلية مثل العطلات، القرارات، القوانين، وقت العودة للمنزل مساء، وقت النوم، الأمراض، المشاكل المالية..
- المواضيع الحساسة مثل العلاقات الجنسية، الحياة، التدخين..
- المواضيع العاطفية مثل مشاعر الوالدين تجاههم..
- أسئلة تتعلق بلماذا – مثل: لماذا يجوع بعض الناس؟ لماذا وجدت الحروب؟ والعديد من المواضيع الفلسفية..
- المستقبل – مثل العمل، الجامعة، الحياة المستقبلية بعد الخروج من المنزل.
- الأوضاع الراهنة – ماذا يحدث في العالم والجالية.
- اهتمامات شخصية – مثل الهوايات، الرياضة، الأصدقاء..
- الوالدين – يحب المراهق أن يتحدث مع والديه، عنهما؛ مثل العمر، قصص من الحياة تثبت أنهما ليسا مجرد والدين يوجهان، بل كانا مراهقين ويفهمان ما يدور بعقل هذا الطفل..
إذن المراهق ليس مجرد طفل يمر بفترة عناد ومقاومة، بل إنسان يشعر ويهتم بأمور كثيرة قد لا تخطر ببال الوالدين.
*•?•*
الأسطورة الرابعة:
إن لم أسيطر على طفلي الآن، سأندم لاحقاً!
حسب نوعية العلاقة مع الطفل (عودي للخرافة الثانية)، ربما تكون هذه النقطة صحيحة. ولكن، يجب أن يكون هناك توازن ما بين السيطرة الأبوية على الأولاد بشكل عام والسيطرة على المراهق، متذكرين أن المراهق يحاول أن يوسع مداركه وحريته وينشئ استقلاليته وبالتالي التعامل معه يختلف. فلنذكر أن هذا الشاب الصغير يحصل على الكثير من الحريات والامتيازات حالياً، أكثر مما كان عليه الوالدين في الماضي، وهذا بسبب التغيرات التي تحدث كل يوم في الحياة. فهناك أوقات كثيرة لا يكون فيها مراقب وهذا خلال المدرسة والزيارات وعمل الوالدين. ومن خلال وجود النت والتلفاز، فإنه يحصل على الكثير من المعلومات التي قد يمنعها الوالدان، وهنا أصبح عمل الوالدين أصعب للقيام بفلترة كل هذه المؤثرات الخارجية وتوجيه الطفل ليعرف الخطأ والصواب.
الاستراتيجية – هي الاستماع وإعطاء النصيحة
استمعي إلى طلبات طفلك. قيمي هذا الطلب حسب درجة وعي هذا الطفل وقدرته على اتخاذ القرارات. قولك "لا" بسرعة من غير الاستماع إلى تفاصيل أخرى، سينتج مشكلة. استمعي جيداً لطلبه وانظري إلى السبب خلفه. مثلاً، إن جاءك ابنك وعمره 13 سنة ويريد أن ينام في بيت صديقه وفي الغد يوم دراسي، وهذا طبعاً عادة غير مسموح به، اصبري واعرفي إن كان هناك سبب يجعله يطلب هذا الطلب، فربما شيء يتعلق بواجب دراسي، أو نشاط مدرسي أو نقاش هام، قبل أن تخرجي من فمك كلمة "لا". بالطبع يجب أن يكون هناك حدود لكل شيء وتطبيق لهذه الحدود باستمرار،