عدد الرسائل : 512العمر : 39العمل/الترفيه : فاعل خير المزاج : طاعة الله ورسوله تاريخ التسجيل : 22/09/2011
موضوع: عائشة أم المؤمنين «رضي الله عنها» الإثنين نوفمبر 07, 2011 11:25 am
عائشة أم المؤمنين «رضي الله عنها»
أود أن نبين مكانة أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- وفضلها، ومناقبها، وقدرها، ليعلم العالم كله مكانتها الرفيعة، ومدى تقدير المسلمين لأمهات المؤمنين، وفي ذلك دعوة للأمة الإسلامية للتمسك بدينها، والعمل بكتاب ربها وسنة نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم-.
تعالوا لنتعرف على أمنا عائشة - رضي الله عنها -:
عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -. أبوها: أبو بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة بن عامر التيمي القرشي، يلتقي نسبه بنسب الرسول – صلى الله عليه وسلم- في مُرّة بن كعب، وكنيته أبو بكر، ومن ألقابه: الصديق، والعتيق، والصاحب، والأتقى، والأوّاه. أمها: أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية.
لقد كانت مصاهرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصديق أبي بكر -رضي الله عنه- بزواجه من ابنته عائشة -رضي الله عنها-، أعظم مِنَّة ومكافأة له في هذه الحياة الدنيا، كما كان خير وسيلة لنشر سنته المطهّرة، وفضائله الزوجية، وأحكام شريعته، ولاسيما ما يتعلق منها بالنساء.
ومن المعلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد تزوج بعدد من الزوجات، والمتفق عليه أن المدخول بهن إحدى عشرة امرأة، مات عنده -صلى الله عليه وسلم- في حياته اثنتان: خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خُزيمة -رضي الله عنهما-، ومات -صلى الله عليه وسلم-عن تسع وعشن بعده .
يقول العلامة القرطبي في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن) ما نصه : (شرّف الله تعالى أزواج نبيه - صلى الله عليه وسلم -، بأن جعلهن أمهات المؤمنين، أي في وجوب التعظيم، والمبرّة، والإجلال، وحرمة النكاح على الرجال) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المجلد السابع 14/123)، فكان ذلك تكريماً لرسوله- صلى الله عليه وسلم-، وتشريفاً لهن .
ومن المعلوم أن عائشة -رضي الله عنها - كانت الوحيدة التي تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكراً ، فكل نساء النبي -صلى الله عليه وسلم - كن ثيّبات إلا عائشة رضي الله عنها-.
حب النبي للسيدة عائشة
كان حب النبي -صلى الله عليه وسلم - للسيدة عائشة -رضي الله عنها- أمراً واضحاً، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلنه، فلقد سأله عمرو بن العاص: ( أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال عائشة ، قال: فمن الرجال؟ قال أبوها) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المجلد السابع 14/123)، ولماذا لا يحبها! وهي ابنة صاحبه ورفيق هجرته، الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ( لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخي وصاحبي) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المجلد السابع 14/123) .
من فضائل أم المؤمنين عائشة
عن يونس عن ابن شهاب قال أبو سلمة: (إن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يوماً: يا عائشة هذا جبريل يُقرئك السلام ، فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا أرى، أريد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المجلد السابع 14/123) .
- عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : كمل من الرجال كثيرٌ ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثّريد على سائر الطعام ) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المجلد السابع 14/123) .
- عن هشام عن أبيه قال : (كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن : يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة ، فمري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان ، أو حيث ما دار، قالت: فذكرتْ ذلك أمُّ سلمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- قالت : فأعرض عني، فلما عاد إليّ ذكرتُ له ذلك ، فأعرض عني ، فلما كان في الثالثة ذكرتُ له فقال : يا أم سلمة ، لا تؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها) (أخرجه البخاري في صحيحه).
- ومن فضائلها أنها الصحابية الوحيدة التي نزلت براءتها من السماء بقرآن يتلى إلى يوم القيامة ، وكان ذلك عندما اتهمها المنافقون في قصة “الإفك” المشهورة ، وأنزل عز وجل في تبرئتها قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة النــور الآية 11) .
علمها “رضي الله عنها”
كانت -رضي الله عنها- أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، ومما يروى عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - أنه قال : (ما رأيت أحداً من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة -رضي الله عنها-) .
ومن المعلوم أن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قد روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- علماً كثيراً ، فهي ثاني أكثر الصحابة رواية للحديث الشريف بعد الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه-، ويبلغ مسند عائشة ألفين ومائتين وعشرة أحاديث ، وقد روي عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: ما أشكل علينا -أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حديث قط ، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً .
وقال الزهري: لو جمع علمها إلى علم جميع أمهات المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علمها أفضل .
وقال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة .
وقال مسروق : رأيت مشيخة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض.
حكم من يطعن في أم المؤمنين سئل أحد السلف عن الذين يشتمون أمهات المؤمنين والصحابة؟ فقال: زنادقة، إنما أرادوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فلم يجدوا أحداً من الأمة يتابعهم على ذلك فشتموا أزواجه وأصحابه.
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة النور الآية 23)، ( وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها -يعني عائشة- بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذُكر في هذه الآية فإنه كافر، لأنه معاند للقرآن) (تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/369).
براءة عائشة من الإفك
وقد نص أهل العلم على كفر من فعل ذلك وحكوا الإجماع فيه. قال ابن القيم في زاد المعاد: (واتفقت الأمة على كفر قاذفها)، وقال النووي في شرح مسلم: (براءة عائشة -رضي الله عنها - من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين). وقال ابن قدامة : (وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم). وقد أفتى مالك بقتل من يسب عائشة بناء على تكذيبه القرآن. قال هشام بن عمار: (سمعت مالك بن أنس- رضي الله عنه- يقول : من سب أبا بكر و عمر جلد، و من سب عائشة قتل، قيل له: لم يُقتل في عائشة قال: لأن الله تعالى يقول في عائشة -رضي الله عنها -{يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين}. قال مالك فمن رماها فقد خالف القرآن ومن خالف القرآن قُتل).
والحاصل أن سابَّ عائشة -رضي الله عنها- والطاعن في عرضها كافر خارج من الملة، يجب على الوالي الشرعي أن يقيم حد الردة عليه بعد ثبوته عنه بشروطه وانتقاء موانعه .
وقد توفيت -رضي الله عنها- سنة سبع وخمسين من الهجرة ، وقيل ثمان وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة -رضي الله عنه - ، ودفنت بالبقيع ، فرضي الله عنها وأرضاها.